لو كان إبن زيدون بيننا لأنشد، عوضاً عن "أضحى التنائي بديلاً عن تدانينا و ناب عن طيب لقيانا تجافينا"، الموشح التالي
أضحى التداني* بديلاً عن تفانينا
و نابنا في المجالس سراق شهارينا
ألا و قد حاد عن الدستور من نوبنا
بيناً، فزادت أحياء الوطن مساكينا
من مبلغ المفسدين، بإنتهازهم
كرهاً، مع الدهر لا يبلى و يبلينا
إن المهازل التي كانت تضحكنا
غلباً بسفلهم قد عادت تبكينا
غيظاً للعدا من تجاوزن السنة، فدعو
بجرايةٍ أبد الدهر تؤتى ملايينا
فانحل ما كان معقوداً في حناجرنا
و إنبت من القول سباً و ألاعينا
قد تكون الأحزاب ما يفرقنا
لكن اليوم نحن و الويل من تلاقينا
يا ليت شعري، كم سئمنا مجلسكم
هل نلنا حظاً من جلوس منوبينا ؟
كم أحببنا أن نكن الوفاء لكم
فخلتم أن شرعيتكم دينا
ما حقنا أن تقتلوا فينا الأمل
و أن يكون بعضكم كاشحاً فينا
و صرنا نرى اليأس تأتينا عوارضه
و قد يئسنا فبات الهروب يغرينا
بتنا مراكب قد ابتلت جوانبها
موتاً، و ابتلت منها دمعاً مئاقينا
نكاد، حين تترأسون مآتمنا،
ندعو عليكم و إن كنا مكافينا
حالت لحكمكم أيامنا، فغدت
سوداً، و كانت دونكم بيضاً ليالينا
إذ جانب العيش ضاق من تقشفنا
و مربع اللهو غاب عن معانينا
و إذ هصرنا حدود الحول دانيةً،
صحنا ارحلوا، فقال الشعب أمينا
ليس عهدكم عهد السرور فما
كنتم لنا إلا ضلاماً و جلادينا
و لا تحسبوا خطبكم قد تغيرنا
فقد أزحنا قبلكم خاطباً فينا
و الله ما طلبت أهواؤنا بدلاً
عن الحكم إذا عاد بأيادينا
يا فارج الكرب هذا القصر به
من استباح تجارةً الحلم و الدينا
حسبنا الله قد فحشت مكائدهم
و كيدهم صار يجيعنا و يظمينا
يوم الثلاثاء صوت الشعب يرعبهم
فمسك ختام القول يكون الميادينا
* : كلمة التداني مشتقة من الدناءة و ليس من الدنو، للتوضيح